
في العقد الأخير تطورت تقنيات التزييف لتشمل الصوت مما أسفر عن ظهور ما يُعرف بالاحتيال الصوتي المدعوم بالذكاء الاصطناعي (AI Vishing)، يعتمد المهاجمون على برامج قادرة على استنساخ نبرات ولهجات أشخاص حقيقيين كالمسؤولين البنكيين أو الأقارب لإقناع الضحايا بالكشف عن معلومات حساسة أو تنفيذ تحويلات مالية دون أي شكّ في هوية المتصل.
ظهرت في السوق خدمات متخصصة توفر للجهات الإجرامية أدوات متكاملة للاعتداء الصوتي، تُعرف بـ Vishing-as-a-Service، تقدم شركات مثل PlugValley روبوتات صوتية قابلة للتخصيص مع سيناريوهات احتيالية جاهزة وإمكانية انتحال أرقام المتصلين وإضفاء ضوضاء خلفية شبيهة بمراكز الاتصالات الحقيقية كل ذلك عبر اشتراك شهري بسيط.
أمثلة واقعية لكشف مدى الخطر
في أوائل 2025 استخدم مخترقون صوتًا مفبركًا لوزير الدفاع الإيطالي لخداع رجال أعمال بارزين، من بينهم ماسيمو موراتي مالك نادي إنتر ميلان السابق، ورغم الاستحواذ على مبالغ طائلة تمكنت السلطات لاحقًا من استرجاع جزء من المبالغ المسروقة.
خلال الربع الأخير من عام 2024 ارتفعت حالات الاحتيال الصوتي ضد موظفين بفنادق وشركات سياحة، حيث انتحل المحتالون صفة وكلاء سفر ومديرين تنفيذيين للحصول على بيانات العملاء أو فتح صلاحيات غير مصرح بها، كما شهد عام 2023 سلسلة من عمليات انتحال صوتية طالت كبار السن، إذ ادعى المحتالون أنهم أقاربهم يطلبون عاجلًا حوالة مالية وأدّت هذه الحيلة إلى خسائر تقارب 200,000 دولار في حالات متعددة.
لماذا يزداد الخطر بمرور الوقت؟
- القدرة على التشغيل الآلي: يتيح الذكاء الاصطناعي تنفيذ آلاف المكالمات المزيفة بسرعة فائقة.
- التشابه الصوتي العالي: يصعب على الضحايا التمييز بين الصوت الحقيقي والمزيف، خصوصًا عندما يستنسخ بدقة عالية.
- سعر منخفض وخدمات جاهزة: تقلل منصات Vishing-as-a-Service الحاجز التقني وتسهّل على المجرمين استخدام هذه الأساليب.
أهم تدابير الحماية من الاحتيال
هناك العديد من الخطوات التي يمكن للأفراد والشركات علي حد سواء اتباعها للحد من هذا الخطير الجديد:
بالنسبة للأفراد
- لا تستجيب لأي مكالمة غير متوقعة تطلب بيانات شخصية أو مالية.
- اعتمد كلمة سر عائلية للتحقق من هوية المتصل في الحالات الطارئة.
- أبلغ الجهات الأمنية فورًا عن أي مكالمة مشتبه فيها.
بالنسبة للمؤسسات
- درب موظفيك بشكل دوري على التحقق من هوية المتصلين وتهيئة بروتوكولات للتحقق المزدوج.
- استثمر في حلول كشف الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي والقادرة على تحليل نبرة الصوت وسلوك المكالمات.
- حدّث سياسة الأمان لتشمل أساليب الاحتيال الصوتي الحديثة، وشارك هذه المعرفة داخليًا بانتظام.
في ظل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتنامي قدرة المحتالين على استغلالها لاستنساخ الأصوات وابتكار هجمات مقنعة يصعب كشفها، يصبح الوعي واليقظة أول خطوط الدفاع ضد الاحتيال الصوتي بالذكاء الاصطناعي، فقد بات من الضروري لكل من الأفراد والمؤسسات تعزيز إجراءات الأمان وتبني بروتوكولات تحقق مزدوجة والاستثمار في حلول تقنية قادرة على تحليل نبرة الصوت وسلوك المكالمات.
وفي الوقت نفسه يظل التعليم المستمر والتدريب الدائم للمستخدمين والموظفين الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة هذا التهديد المتغير إذ لا غنى عن ترسيخ ثقافة شك صحي وفحص دؤوب لكل اتصال غير متوقع وبالتزام هذه الإجراءات الجماعية والفردية يمكننا التقليل من الخسائر والحفاظ على أموالنا ومعلوماتنا الشخصية والمؤسسية في أمان.
اقرأ أيضًا: الهندسة الاجتماعية | كيف يخترق المحتالون عقلك للوصول إلي بياناتك